الاثنين، 28 ديسمبر 2015
الخميس، 24 ديسمبر 2015
إهداء من الأستاذ إلى تلميذه
إن الحمد لله نحمده سبحانه و نستعينه و نستغفره نستهديه ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا فمن يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله.
قال تعالى :- " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ
حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ "
وقال تعالى :- {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ
وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء
وقال تعالى :- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }الأحزاب
71
أما بعد :-
فحين هداني الله لنعمة الإيمان ورأيت هذا النور يغمر القلب أدركت عن
يقين أن نعمة الإيمان هي أفضل النعم .
وقال تعالى :- {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ
فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58
لقد هداني الله لحبه وحب ديني وشرعي ومنهاجه فأحببته وأحببت من يحبه
وجفا قلبي عن كل من بعد عن ذكره ،ولكن تعجبت!!
كيف، ومع كل هذا الحب لله ما زالت جواذب المعاصي والشهوات تجزيني إلى
الهبوط ؟
وكيف تعجز هواتف الإيمان بقلبي أحياناً عن مقاومة الذنب والمعصية؟
حتى لقد بدأت أشك في صدق إيماني، فلعلني من المرائين بل لعلني من
المنافقين، ونظرت إلى البشر من حولي فوجدت الجميع مختفياً تحت قناع هو ذلك نفس
القناع الذي يخفي على وجهي .
أن هذه الجواذب الثقيلة التي تجذبني إلى الوحل والطين حتى ليخيل لمن
يراني ممن لا تخطر الشهوة على باله بحال وهنا أدركت أن حالي هو حال الآخرين وأننا
جميعاً نعاني نفس المعاناة. فتساءلت؟
أهو خطأ في ألتربيي والنشأة الدينية والأجتماعيية جعلنا على هذا الوضع
المعتل السقيم وإذا كان ذلك فأين هم المؤمنين حقأً الموعودون بالجنة والمغفرة ولقد
هداني الله بحوله وقوته ورحمتي ورعايته بعد طول معاناه إلى الحو أشتفى به صدري
وبردت النار في قلبي وعرفت طريقي بهداية الله لي والحمد لله الذي هدانا لهذا وما
كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
ولنفاسه ما علمت وصفاء جوهره أخترته موضعاً لهذا البحث عسى أن يهي الله
بي نفوس ما ذالت في حيره من أمرها تريد السير في الطريق ولكنها تشهر عن رؤيته
فتتقهقرت إلى الباطل ظناً منها أنها عاجزة عن الأستمرار في طريق الحق هذا وإن كان
ما حققته في هذا البحث سليماً خالياً من الآفات والعيوب فهو فضل الله وحده وتوفيقه.
وإن كان لا يسلب من نقص أو عيب فهذا من شر نفسي ومن الشيطان.
فأسأل الله سبحانه وتعالى العفو والمغفرة إذا علم من قلبي إني أنما
أردت التضحية لنفسي وللمسلمين.
اللهم منك السلام والتوفيق
والله المستعان
اهداء الأستاذ الى تلميذه
الأربعاء، 30 سبتمبر 2015
حسني أبو عيد: 049 -- الحياة في ظلال القرآن للشيخ حسني أبوعيد ***...
حسني أبو عيد: 049 -- الحياة في ظلال القرآن للشيخ حسني أبوعيد ***...: #الحياة_في_ظلال_القرآن_مع_الأستاذ 049 -- الحياة في ظلال القرآن للشيخ حسني أبوعيد *** سورة البقرة من الآية { 283 - 286}
الاثنين، 28 سبتمبر 2015
الاثنين، 21 سبتمبر 2015
الأحد، 20 سبتمبر 2015
السبت، 19 سبتمبر 2015
الأربعاء، 16 سبتمبر 2015
الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015
الخميس، 16 أبريل 2015
089 -- 03042015 وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ
وَامْتَازُوا
الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي
آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60)
وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ
جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي
كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (64)
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ
أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)
يوم القيامة
في هذا اليوم يؤمر بأهل الجنة إلى الجنة
ثم يقال لمن بقي في أرض المحشر:
«وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا
الْمُجْرِمُونَ» .. تميَّزوا عن المؤمنين, وانفصلوا
عنهم.
«أَلَمْ
أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ- يا بَنِي آدَمَ- أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ
لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ؟»
يا بني آدم ألم أعهد إليكم ألم أأخذ عليكم
العهد ألا تعبدوا الشيطان ألم أوضح لكم العداوة الأزلية بينه وبينكم «وَأَنِ اعْبُدُونِي» .. «هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ» ..
فلم لم تحذروا.. وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا
أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)
«هذِهِ
جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ
تَكْفُرُونَ» !
«الْيَوْمَ
نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ، وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ، وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ
بِما كانُوا يَكْسِبُونَ»
روى ابن جرير الطبري عن أبي موسى الأشعري أنه
قال (يدعى الكافر والمنافق يوم القيامة للحساب ، فيعرض عليه ربه عمله فيجحده ويقول
: أي رب وعزتك لقد كتب على هذا الملك ما لم أعمل ! فيقول الملك : أما عملت كذا فى
يوم كذا ، في مكان كذا ، فيقول : لا وعزتك أي رب ما عملته ، فإذا فعل ذلك ختم على
فيه ، وتكلمت أعضاؤه ثم تلا [ اليوم نختم على أفواههم
«وَلَوْ
نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ، فَأَنَّى
يُبْصِرُونَ، وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا
مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ» ..
وهما مشهدان فيهما من البلاء قدر ما فيهما
من السخرية والاستهزاء. السخرية بالمكذبين والاستهزاء بالمستهزئين، الذين كانوا
يقولون:
«مَتى
هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ؟» ..
فهم في المشهد الأول عميان مطموسون. ثم هم
مع هذا العمى يستبقون الصراط ويتزاحمون على العبور، ويتخبطون تخبط العميان حين
يتسابقون! ويتساقطون تساقط العميان حين يسارعون متنافسين! «فَأَنَّى يُبْصِرُونَ» وهم في المشهد الثاني
قد جمدوا فجأة في مكانهم، واستحالوا تماثيل لا تمضي ولا تعود بعد أن كانوا منذ
لحظة عميانا يستبقون ويضطربون!
الله يسخر منهم ويستهزئ بهم وقد كانوا من قبل يستخفون بالوعيد ويستهزئون!
«وَمَنْ
نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ. أَفَلا يَعْقِلُونَ» ..
والشيخوخة نكسة إلى الطفولة. بغير ملاحة
الطفولة وبراءتها المحبوبة! وما يزال الشيخ يتراجع، وينسى ما علم، وتضعف أعصابه،
ويضعف فكره، ويضعف احتماله، حتى يرتد طفلا. ولكن الطفل محبوب اللثغة، تبسم له
القلوب والوجوه عند كل حماقة. والشيخ مجتوى لا تقال له عثرة إلا من عطف ورحمة، وهو
مثار السخرية كلما بدت عليه مخايل الطفولة وهو عجوز. وكلما استحمق وقد قوست ظهره
السنون! فهذه العاقبة كتلك تنتظر المكذبين، الذين لا يكرمهم الله بالإيمان الراشد
الكريم.. أى أفلا يعقلون أن من قدر على ذلك ، قادر على
إعمائهم أو مسخهم
وما
عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ
مُبِينٌ (69) لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ
(70)
وما علَّمنا رسولنا محمدًا الشعر, وما ينبغي له أن يكون شاعرًا, ما
هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب, وقرآن بيِّن الدلالة على الحق
والباطل، واضحة أحكامه وحِكَمه ومواعظه; لينذر مَن كان حيَّ القلب مستنير البصيرة,
ويحق العذاب على الكافرين بالله; لأنهم قامت عليهم بالقرآن حجة الله البالغة.
«أَوَلَمْ
يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها
مالِكُونَ؟ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ.
وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ؟ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ
اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ. لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ
جُنْدٌ مُحْضَرُونَ. فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ
وَما يُعْلِنُونَ»
الخطاب للرسول- صلّى الله عليه وسلّم- وهو
يواجه أولئك الذين اتخذوا من دون الله آلهة.
فلا يَحْزُنك كفرهم بالله
فلا يَحْزُنك تكذيبهم لك
فلا يَحْزُنك استهزاؤهم بك; إنا نعلم ما يخفون, وما يظهرون,
وسنجازيهم على ذلك فهم مكشوفون لعلم الله. وكل ما يدبرونه وما يملكونه تحت عينه. وأنهم في
قبضته وهم لا يشعرون
«فَلا
يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ. إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ» .
الحمد لله
وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
«أَوَلَمْ
يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ.
وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ. قالَ: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ
رَمِيمٌ؟ قُلْ: يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ
خَلْقٍ عَلِيمٌ. الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا
أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ. أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ
بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ؟ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ.
إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ: كُنْ. فَيَكُونُ» ..
الذي أخرج لكم من الشجر الأخضر
الرطب نارًا محرقة, فإذا أنتم من الشجر توقدون النار, فهو القادر على إخراج الضد
من الضد. وفي ذلك دليل على وحدانية الله وكمال قدرته, ومن ذلك إخراج الموتى من
قبورهم أحياء.
والأعراب توري النار من
المرخ والعفار
الاثنين، 6 أبريل 2015
088 -- 27032015 يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ
يَاحَسْرَةً عَلَى
الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
(30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ
إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا
مُحْضَرُونَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة يقول الله
لآدم ابعث بعث النار فقال يا رب وما بعث النار قال تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار
وواحد إلى الجنة قال فأنشأ المسلمون يبكون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية قال فيؤخذ العدد من
الجاهلية فإن تمت وإلا كملت من المنافقين وما مثلكم والأمم إلا كمثل الرقمة في
ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة
فكبروا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال إني لأرجو أن
تكونوا نصف أهل الجنة فكبروا قال لا أدري قال الثلثين أم لا قال هذا حديث حسن صحيح
قد روي من غير وجه عن الحسن
حينما
يرسل الله 124 ألف نبي ورسول والناس لا تؤمن يبقى يا حسرة على العباد
حينما
يرسل الله 315 رسول والناس لا تؤمن يبقى يا حسرة على العباد
حينما
يرسل الله 25 رسول تم ذكرهم في القرآن
والناس لا تؤمن يبقى يا حسرة على العباد
حينما
يرسل الله صحف إبراهيم و الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن والناس لا تؤمن ولا تتخذها شرائع يبقى يا حسرة على العباد
حينما
يمدنا الله بكل وسائل الإدراك وبكل هذه الآيات والناس لا تؤمن ويكون عدد المسلمين 1.6 مليار يعني حوالي 22%
من تعداد العالم يبقى يا حسرة على العباد
حينما
لا تكون راية الله هي العليا في هذا العالم يبقى يا حسرة على العباد
حينما
لا يؤمن الناس وأمامهم مصارع الهالكين قبلهم ولا يتدبرونها يبقى يا حسرة على
العباد
يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ
مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)................. ....................................................
إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (47)
«وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ
صادِقِينَ؟» ..
ووعد
الله لا يستقدم لاستعجال البشر ولا يستأخر لرجائهم في تأخيره. فكل شيء عند الله
بمقدار. وكل أمر مرهون بوقته المرسوم. إنما تقع الأمور في مواعيدها وفق حكمة الله
الأزلية التي تضع كل شيء في مكانه،
أما
الرد على هذا السؤال المنكر فيجيء في مشهد من مشاهد القيامة يرون فيه كيف يكون، لا
متى يكون..
يسأل
المكذبون: «مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» .. فيكون الجواب مشهدا خاطفا سريعا.. صيحة تصعق كل حي،
وتنتهي بها الحياة والأحياء:
«ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً
تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ. فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلى
أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ» ..
فهي
تأخذهم بغتة وهم في جدالهم وخصامهم في معترك الحياة، لا يتوقعونها ولا يحسبون لها
حسابا. فإذا هم منتهون. كل على حاله التي هو عليها. لا يملك أن يوصي بمن بعده. ولا
يملك أن يرجع إلى أهله فيقول لهم كلمة.. وأين هم؟ إنهم مثله في أماكنهم منتهون!
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ
الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)
ينتفضون
من القبور. ويمضون سراعا، وهم في دهش وذعر يتساءلون:
قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ
مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52) إِنْ
كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ
(53) فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا
كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54)
087 -- 20032015 أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ
لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ
الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ
الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا
سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ
أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا
«أَفَرَأَيْتَ
الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ: لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً؟
عن خباب بن الأرت قال: كنت رجلا قينا
(حدادا) وكان لي على العاص بن وائل دين فأتيته أتقاضاه منه فقال: لا والله لا أقضيك
حتى تكفر بمحمد، فقلت:
لا والله، لا أكفر بمحمد- صلى الله عليه
وسلم- حتى تموت ثم تبعث. قال: فإني إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد،
فأعطيتك! فأنزل الله:
«أَفَرَأَيْتَ
الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ: لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً ... «2» » .
وقولة العاص بن وائل نموذج من تهكم الكفار
واستخفافهم بالبعث والقرآن يعجب من أمره، ويستنكر ادعاءه: «أَطَّلَعَ الْغَيْبَ؟» فهو يعرف ما هنالك.
«أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ
عَهْداً» فهو واثق من تحققه؟
ثم يعقب: «كَلَّا» . وهي لفظة نفي وزجر. كلا لم يطلع على
الغيب ولم يتخذ عند الله عهدا، إنما هو يكفر ويسخر والله يرد عليه وعلى أمثاله
بهذا الزجر وهذا التهديد:
«كَلَّا سَنَكْتُبُ ما يَقُولُ
وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا»..
سنكتب ما يقول فنسجله عليه ليوم الحساب
فلا ينسى ولا يقبل المغالطة..
ونمد له من العذاب مدا، فنزيده منه ونطيله
عليه ولا نقطعه عنه!
وَنَرِثُهُ
مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)
لا مال معه ولا ولد ولا نصير له ولا سند،
مجردا ضعيفا وحيدا فريدا.
ولم يكتف الكافر المنكر المعرض بكفره بل
ادع لله ولد
«وَاتَّخَذُوا
مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا،
فهؤلاء الذين يكفرون بآيات الله يتخذون من
دونه آلهة يطلبون عندها العزة، والغلب والنصرة، وكان فيهم من يعبد الملائكة ومن
يعبد الجن ويستنصرونهم ويتقوون بهم..
كَلَّا
سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا.
كلا! فسيكفر الملائكة والجن بعبادتهم،
وينكرونها عليهم، ويبرأون إلى الله منهم، «وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا» بالتبرؤ منهم
والشهادة عليهم.
أَلَمْ تَرَ أَنَّا
أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا. فَلا تَعْجَلْ
عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا.
فلا يضيق صدرك بهم فإنهم ممهلون إلى أجل
قريب، وكل شيء من أعمالهم محسوب عليهم ومعدود.. فيا ويل من يعد الله عليه ذنوبه
وأعماله وأنفاسه، ويتتبعها ليحاسبه الحساب العسير..
يَوْمَ
نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً، وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى
جَهَنَّمَ وِرْداً، لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ
الرَّحْمنِ عَهْداً» .
فأما المؤمنون فقادمون على الرحمن وفدا في
كرامة وحسن استقبال:
«يَوْمَ
نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً».
وأما المجرمون فمسوقون إلى جهنم وردا كما
تساق القطعان.
«وَنَسُوقُ
الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً» . ولا شفاعة يومئذ إلا لمن قدم عملا صالحا فهو عهد له عند الله يستوفيه. وقد
وعد الله من آمن وعمل صالحا أن يجزيه الجزاء الأوفى، ولن يخلف الله وعدا.
«وَقالُوا:
اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا. تَكادُ السَّماواتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا، أَنْ
دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً، وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً»
«إِنْ
كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً. لَقَدْ
أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا. وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً».
إن كل من في السماوات والأرض إلا عبد يأتي
معبوده خاضعا طائعا، فلا ولد ولا شريك، إنما خلق وعبيد.
«لَقَدْ
أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا» فلا
مجال لهرب أحد ولا لنسيان أحد
«وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ
الْقِيامَةِ فَرْداً» فعين الله على كل فرد. وكل فرد يقدم وحيدا لا يأنس
بأحد ولا يعتز بأحد. فهو وحيد فريد أمام الديان.
وفي وسط هذه الوحدة والوحشة والرهبة، إذا
المؤمنون في ظلال ندية من الود السامي: ود الرحمن:
«إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا»
..
وهو ود يشيع في الملأ الأعلى، ثم يفيض على
الأرض والناس فيمتلئ به الكون كله ويفيض..
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي-
صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: يا جبريل إني أحب
فلانا فأحبه. قال: فيحبه جبريل. ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلانا
فأحبوه. قال: فيحبه أهل السماء. ثم يوضع له القبول في الأرض. وإن الله إذا أبغض
عبدا دعا جبريل فقال: يا جبريل إني أبغض فلانا فأبغضه. قال: فيبغضه جبريل. ثم
ينادي في أهل السماء:
إن الله يبغض فلانا فأبغضوه. قال: فيبغضه
أهل السماء ثم يوضع له البغضاء في الأرض «1» » ..
وبعد فإن هذه البشرى للمؤمنين المتقين،
وذلك الإنذار للجاحدين الخصيمين هما غاية هذا القرآن. ولقد يسره الله للعرب فأنزله
بلسان الرسول- صلى الله عليه وسلم- ليقرأوه:
«فَإِنَّما
يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً
لُدًّا» ..
«وَكَمْ
أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ
تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً؟» .
الاثنين، 30 مارس 2015
086 -- 13032015 وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا
وَيَقُولُ
الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَوَلَا يَذْكُرُ
الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ
جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ
أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ
هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى
رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ
الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)
على مدار التاريخ تقول هذه المقولة
أصناف كثيرة من البشر وفي عصور مختلفة
نفس الكلام ونفس الفكرة وبأساليب
مختلفة
«وَيَقُولُ
الْإِنْسانُ: أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا؟» ..
وَفِي الصَّحِيحِ: "يَقُولُ
اللَّهُ تَعَالَى كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُكَذِّبَنِي،
وَآذَانِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُؤْذِيَنِي، أَمَّا تَكْذِيبُهُ
إِيَّايَ فَقَوْلُهُ لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ
بِأَهْوَنَ عليَّ مِنْ آخِرِهِ، وَأَمَّا أَذَاهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ: إِنَّ لِي
وَلَدًا وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ
يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ" (أخرجه البخاري في صحيحه)
«أَوَلا
يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً؟» .
«فَوَ
رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ» .. ولن يكونوا وحدهم.
فلنحشرنهم «وَالشَّياطِينَ» فهم والشياطين سواء. والشياطين هم الذين يوسوسون
بالإنكار، وبينهما صلة التابع والمتبوع، والقائد والمقود..
وهنا يرسم لهم صورة حسية وهم جاثون حول
جهنم جثّو الخزي والمهانة:
«ثُمَّ
لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا» ..
وهي صورة رهيبة وهذه الجموع التي لا
يحصيها العد محشورة محضرة إلى جهنم جاثية حولها، تشهد هولها ويلفحها حرها، وتنتظر
في كل لحظة أن تؤخذ فتلقى فيها. وهم جاثون على ركبهم في ذلة وفزع..
«ثُمَّ
لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا»
..
أين العتاة أين جبابرة الأرض أين
الظلمة والقتلة أين الذين فتنوا الناس عن دينه
سيحضرون جميعا حول جهنم جثيا ثم يبدأ
الله ابتدأ و ينتزع منهم انتزاعا الأشداء الأقوياء اللي كانوا مفكرين نفسهم سادة
وباقي الخلق عبيد
سيعلمون من السادة و من العبيد والله
يعلم من هم ويعلم من هم أولى بأن يصلوها، فلا يؤخذ أحد جزافا من هذه الجموع التي
لا تحصى. والتي أحصاها الله
«ثُمَّ
لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا» .. فهم المختارون ليكونوا طليعة المقذوفين! وإن المؤمنين ليشهدون العرض
الرهيب:
«وَإِنْ
مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا» فهم يردون فيدنون ويمرون بها وهي تتأجج وتتميز وتتلمظ ويرون العتاة ينزعون
ويقذفون.
«ثُمَّ
نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا»
فتزحزح عنهم وينجون منها لا يكادون! «وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها
جِثِيًّا» ..
ومن هذا المشهد المفزع الذي يجثو فيه
العتاة جثو الخزي والمهانة، ويروح فيه المتقون ناجين. ويبقى الظالمون فيه جاثين..
من هذا المشهد إلى مشهد في الدنيا يتعالى فيه الكفار على
المؤمنين، ويعيرونهم بفقرهم، ويعتزون بثرائهم ومظاهرهم وقيمهم في عالم الفناء:
«وَإِذا
تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ. قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ
آمَنُوا: أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا؟» ..
إنها النوادي الفخمة والمجامع المترفة
والقيم التي يتعامل بها الكبراء والمترفون في عصور الفساد. وإلى جانبها تلك
المجتمعات المتواضعة المظهر والمنتديات الفقيرة إلا من الإيمان. لا أبهة ولا زينة،
ولا زخرف، ولا فخامة.. هؤلاء هم سادة قريش تتلى عليهم آيات الله- على عهد الرسول
صلى الله عليه وسلم- فيقولون للمؤمنين الفقراء: «أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ
نَدِيًّا؟» الكبراء الذين لا يؤمنون بمحمد، أم الفقراء الذين يلتفون حوله.
أيهم خير مقاما وأحسن ناديا؟ النضير بن الحارث وعمرو بن هشام والوليد بن المغيرة وإخوانهم
من السادة، أم بلال وعمار وخباب وإخوانهم من المعدمين؟ أفلو كان ما يدعو إليه محمد
خيرا أفكان أتباعه يكونون هم هؤلاء النفر الذين لا قيمة لهم في مجتمع قريش ولا
خطر؟ وهم يجتمعون في بيت فقير عاطل كبيت خباب؟ ويكون معارضوه هم أولئك أصحاب
النوادي الفخمة الضخمة والمكانة الاجتماعية البارزة؟.
إنه منطق الأرض. منطق المحجوبين عن اللهوحكمته.
وإنها لحكمة الله أن تقف العقيدة مجردة من
الزينة والطلاء، عاطلة من عوامل الإغراء. ليقبل عليها من يريدها لذاتها خالصة لله
من دون الناس، ومن دون ما تواضعوا عليه من قيم ومغريات وينصرف عنها من يبتغي
المطامع والمنافع، ومن يشتهي الزينة والزخرف، ومن يطلب المال والمتاع.
«وَكَمْ
أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً «1» » ..
فلم ينفعهم أثاثهم ورياشهم وزينتهم
ومظهرهم. ولم يعصمهم شيء من الله حين كتب عليهم الهلاك.
ألا إن هذا الإنسان لينسى. ولو تذكر
وتفكر ما أخذه الغرور بمظهر ومصارع الغابرين من حوله تلفته بعنف وتنذره وتحذره،
وهو سادر فيما هو فيه، غافل عما ينتظره مما لقيه من كانوا قبله وكانوا أشد قوة
وأكثر أموالا وأولادا.
ثم يأمر الله رسوله- صلى الله عليه
وسلم- أن يدعو عليهم في صورة مباهلة- بأن من كان من الفريقين في الضلالة فليزده
الله مما هو فيه حتى يأتي وعده في الدنيا أو في الآخرة:
«قُلْ:
مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا، حَتَّى إِذا
رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ
هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً، وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا
هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ
مَرَدًّا» ..
فهم يزعمون أنهم أهدى من أتباع محمد-
صلى الله عليه وسلم- لأنهم أغنى وأبهى. فليكن! وليدع محمد ربه أن يزيد الضالين من
الفريقين ضلالا، وأن يزيد المهتدين منهما اهتداء.. حتى إذا وقع ما يعدهم وهو لا
يعدو أن يكون عذاب الضالين في الدنيا بأيدي المؤمنين، أو عذابهم الأكبر يوم الدين-
فعندئذ سيعرفون: أي الفريقين شر مكانا وأضعف جندا. ويومئذ يفرح المؤمنون ويعتزون
«وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ
مَرَدًّا»
خير من كل ما يتباهى به أهل الأرض
ويتيهون.
لما نزلت هذه الآية وإن منكم إلا واردها ذهب ابن رواحة إلى بيته
فبكى وجاءت المرأة فبكت وجاءت الخادم فبكت ثم جاء أهل البيت فجعلوا يبكون كلهم
فلما انقطعت عبرته قال يا أهلاه ما يبكيكم قالوا لا ندري ولكنا رأيناك تبكي فبكينا
قال آية نزلت على رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ينبئني فيها ربي أني وارد
النار ولم ينبئني أني صادر عنها
السبت، 28 مارس 2015
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ
بسم الله الرحمن الرحيم
فَخَلَفَ مِنْ
بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ
يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي
وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا
بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ
كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ
أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا
(64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ
لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)
خلف من بعدهم خلف، بعيدون عن الله. «أَضاعُوا الصَّلاةَ» فتركوها
وجحدوها «وَاتَّبَعُوا
الشَّهَواتِ» واستغرقوا فيها
«فَسَوْفَ
يَلْقَوْنَ غَيًّا» والغي الشرود والضلال،
وعاقبة الشرود الضياع والهلاك.
وقال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً}
قَالَ: وادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيدُ الْقَعْرِ خَبِيثُ الطَّعْمِ.
ثم يفتح باب التوبة على مصراعيه تنسم منه نسمات الرحمة
واللطف والنعمى:
«إِلَّا مَنْ تابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً.
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ. إِنَّهُ كانَ
وَعْدُهُ مَأْتِيًّا. لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً. وَلَهُمْ
رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا. تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ
عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا» ..
والتوبة ليست مجرد كلمات
التوبة انطراح كامل على أعتاب الله.. أعترف بذنبي أقول:
نعم يا رب اتبعت الشهوات يا رب وكنت من المقصرين.. نعم يا رب أضعت الصلاة فتركتها
بالكلية.. أضعت الصلاة فلم أهتم بها.. أضعت الصلاة فأخرت الصلاة عن وقتها.. أضعت
الصلاة فلم أهتم بصلاة الجماعة.. أضعت الصلاة فلم أعقل منها شيء.. زهني بيكون شارد
ومشغول بغيرك يا رب.. يا رب فعلت كل ذك ولكن عذري أني لم أفعله عنادا ولم أحاربك
بالمعصية طمعا في رحمتك و ها أنا ذا أعود إليك عودة العبد الشارد إلى سيده وكلي
يقين أنك لن تردني صفر اليدين.. يا رب ها أنا ذا أقف بين يديك لا حول لي ولا قوة..
أرجوك.. أطمع في جنتك وأخشى عذابك
وأطلب منك العون والمدد و التوفيق للعمل الصالح..
إِلَّا مَنْ تَابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ
شَيْئًا (60)
*عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : أرأيت من عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك
حاجة ولا داجة إلا أتاها ، فهل لذلك من توبة ؟ قال : " فهل أسلمت ؟ " .
قال : فأما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال : " تفعل
الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن " . قال : وغدراتي وفجراتي
؟ قال : " نعم " . قال : الله أكبر ، فما زال يكبر حتى توارى .
إِلَّا مَنْ تَابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ
شَيْئًا (60)
إنما يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا. يدخلون الجنة
للإقامة. الجنة التي وعد الرحمن عباده إياها فآمنوا بها بالغيب قبل أن يروها. ووعد
الله واقع لا يضيع..
) جَنَّاتِ عَدْنٍ
الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ
مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ
رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ
مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)
«لا يَسْمَعُونَ
فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً» فلا فضول في
الحديث ولا ضجة ولا جدال، إنما يسمع فيها صوت واحد يناسب هذا الجو الراضي. صوت
السلام.. والرزق في هذه الجنة مكفول لا يحتاج إلى طلب ولا كد. ولا يشغل النفس
بالقلق والخوف من التخلف أو النفاد:
«وَلَهُمْ
رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا»
«تِلْكَ الْجَنَّةُ
الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا» .. فمن شاء الوراثة فالطريق معروف: التوبة والإيمان والعمل الصالح.
«وَما نَتَنَزَّلُ
إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ، لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ
ذلِكَ، وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما
بَيْنَهُما، فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ. هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا؟» ..
وتتضافر الروايات على أن قوله: «وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ..»
مما أمر جبريل عليه السلام أن يقوله للرسول- صلى الله عليه وسلم- ردا على استبطائه
للوحي فترة لم يأته فيها جبريل. فاستوحشت نفسه، واشتاقت للاتصال الحبيب. فكلف
جبريل أن يقول له: «وَما
نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ» فهو الذي يملك كل شيء من أمرنا:
«لَهُ ما بَيْنَ
أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ»
وهو لا ينسى شيئا، إنما ينزل الوحي عند ما تقتضي حكمته أن ينزل «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا»
«رَبُّ السَّماواتِ
وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما» .. فلا ربوبية
لغيره، ولا شرك معه في هذا الكون الكبير.
«فَاعْبُدْهُ
وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ» .. اعبده واصطبر على
تكاليف العبادة. وهي تكاليف الارتقاء إلى الأفق الأعلى والمثول بين يدي المعبود،
والثبات في هذا المرتقى العالي. اعبده واحشد نفسك وعبىء طاقتك للاتصال به
«فَاعْبُدْهُ
وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ» ..
فجعل كل شيء في حياتك لله كل حركة وكل سكون لله
فاعبده واصطبر لعبادته.. فهو الواحد الذي يعبد في هذا
الوجود والذي تتجه إليه الفطر والقلوب..
«هَلْ تَعْلَمُ لَهُ
سَمِيًّا؟» . هل تعرف له نظيرا؟ تعالى الله عن
السمي والنظير..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
حديث " إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له سدسها ولا
عشرها وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها "
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)