السبت، 28 مارس 2015

فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ


فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ 
بسم الله الرحمن الرحيم
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63) وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)
خلف من بعدهم خلف، بعيدون عن الله. «أَضاعُوا الصَّلاةَ» فتركوها وجحدوها «وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ» واستغرقوا فيها
«فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا» والغي الشرود والضلال، وعاقبة الشرود الضياع والهلاك.
وقال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً} قَالَ: وادٍ فِي جَهَنَّمَ بَعِيدُ الْقَعْرِ خَبِيثُ الطَّعْمِ.
ثم يفتح باب التوبة على مصراعيه تنسم منه نسمات الرحمة واللطف والنعمى:
«إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً. جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ. إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا. لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً. وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا. تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا» ..
والتوبة ليست مجرد كلمات
التوبة انطراح كامل على أعتاب الله.. أعترف بذنبي أقول: نعم يا رب اتبعت الشهوات يا رب وكنت من المقصرين.. نعم يا رب أضعت الصلاة فتركتها بالكلية.. أضعت الصلاة فلم أهتم بها.. أضعت الصلاة فأخرت الصلاة عن وقتها.. أضعت الصلاة فلم أهتم بصلاة الجماعة.. أضعت الصلاة فلم أعقل منها شيء.. زهني بيكون شارد ومشغول بغيرك يا رب.. يا رب فعلت كل ذك ولكن عذري أني لم أفعله عنادا ولم أحاربك بالمعصية طمعا في رحمتك و ها أنا ذا أعود إليك عودة العبد الشارد إلى سيده وكلي يقين أنك لن تردني صفر اليدين.. يا رب ها أنا ذا أقف بين يديك لا حول لي ولا قوة.. أرجوك.. أطمع في جنتك وأخشى عذابك
وأطلب منك العون والمدد و التوفيق للعمل الصالح..
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)
*عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت من عمل الذنوب كلها فلم يترك منها شيئاً وهو في ذلك لم يترك حاجة ولا داجة إلا أتاها ، فهل لذلك من توبة ؟ قال : " فهل أسلمت ؟ " . قال : فأما أنا فأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، قال : " تفعل الخيرات وتترك السيئات فيجعلهن الله لك خيرات كلهن " . قال : وغدراتي وفجراتي ؟ قال : " نعم " . قال : الله أكبر ، فما زال يكبر حتى توارى .
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)
إنما يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا. يدخلون الجنة للإقامة. الجنة التي وعد الرحمن عباده إياها فآمنوا بها بالغيب قبل أن يروها. ووعد الله واقع لا يضيع..
) جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)
«لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً» فلا فضول في الحديث ولا ضجة ولا جدال، إنما يسمع فيها صوت واحد يناسب هذا الجو الراضي. صوت السلام.. والرزق في هذه الجنة مكفول لا يحتاج إلى طلب ولا كد. ولا يشغل النفس بالقلق والخوف من التخلف أو النفاد:
«وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا»
«تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا» .. فمن شاء الوراثة فالطريق معروف: التوبة والإيمان والعمل الصالح.
«وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ، لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ، وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا. رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما، فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ. هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا؟» ..
وتتضافر الروايات على أن قوله: «وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ..» مما أمر جبريل عليه السلام أن يقوله للرسول- صلى الله عليه وسلم- ردا على استبطائه للوحي فترة لم يأته فيها جبريل. فاستوحشت نفسه، واشتاقت للاتصال الحبيب. فكلف جبريل أن يقول له: «وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ» فهو الذي يملك كل شيء من أمرنا:
«لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ» وهو لا ينسى شيئا، إنما ينزل الوحي عند ما تقتضي حكمته أن ينزل «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا»
«رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما» .. فلا ربوبية لغيره، ولا شرك معه في هذا الكون الكبير.
«فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ» .. اعبده واصطبر على تكاليف العبادة. وهي تكاليف الارتقاء إلى الأفق الأعلى والمثول بين يدي المعبود، والثبات في هذا المرتقى العالي. اعبده واحشد نفسك وعبىء طاقتك للاتصال به
«فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ» ..
فجعل كل شيء في حياتك لله كل حركة وكل سكون لله
فاعبده واصطبر لعبادته.. فهو الواحد الذي يعبد في هذا الوجود والذي تتجه إليه الفطر والقلوب..
«هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا؟» . هل تعرف له نظيرا؟ تعالى الله عن السمي والنظير..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
حديث " إن العبد ليصلي الصلاة لا يكتب له سدسها ولا عشرها وإنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق