بسم الله الرحمن الرحيم
021-- من تراث الأستاذ
عرفانا ًبالجميل واعترافا ًبفضل الله علينا وبرا ًبشيخنا واستاذنا ووالدنا ومعلمنا ومربينا وأملا ًفي نفع الأمة الإسلامية بعلمه وثقافته، و مستعينا ًبالله أنشر لكم نورا ًمن تراث الأستاذ.
العلم الحقيقي
***
يقول الشيخ القرضاوي في كتابه الشيخ الغزالي كما عرفته:
وما زلت أذكر تلك اللحظة التي هاج فيها ركاب الباخرة لسبب ما، وحدث شيء من الهرج و المرج، وكاد يفلت الزمام، فإذا شاب قصير القامة، مشرق الوجه، يلبس ثوبا أبيض، حاسر الرأس، يتوقد ذكاء وحيوية، يخاطب الركاب في حزم: أيها الإخوة، يجب أن نضبط أنفسنا، حتى نصل إلى مستقرنا الجديد، في أرض انطلقت منها شرارة الوحي المقدس، لتحرر أمة مستعبدة، من طغيان المتألهين في الأرض ............
وقد لاحظت أنه حين بدأ الكلام، صمت الجميع كأن على رؤوسهم الطير، ولم يكد يتم كلمته الموجزة، حتى ساد الهدوء وسار المركب في أمان، وكأن شيئا لم يكن.
قلت لبعض الإخوة من أهل القاهرة: من هذا المتكلم؟ قالوا: ألا تعرفه ؟ إنه الشيخ محمد الغزالي!
سألت شيخي: أين هذه الشخصية التي تؤثر في المجتمع، والمجتمع يستجيب لها ؟
وأين العلة في عدم وجودها أعجزت أرحام الأمهات على إنجاب مثل الشيخ الغزالي أو أن المجتمع هو الذي تغير ولم يعد يوقر عالم ولا يستجيب لحكيم؟
فقال أستاذي: العلم علمان، علم نظري يهدف إلى صنع تماثيل من الرخام لا حياة فيها ولا نبض ولا شعور وهناك بعض الفئات من الدعاة متخصصين في هذا الفن، فن الكلام الجاف البارد، وهناك نوعية من البشر عندهم قابلية لهذا.
ولأن العلم الحقيقي هو نفوز النور إلى القلب وتفاعل القلب به فتتغير شخصية الإنسان نفسه، ويتغير سلوكه، فالعلم توغل إلى قلبه فتغيرت حياته كلها بذلك النور الذي شع بداخله. هناك نوعية من البشر ليس عندهم المقدرة على هذا وعلى أن تُحدث هذا التغيير، على الإطلاق!
فهو قالب جامد كل ما يستطيع أن يفعله لنفسه هو أن يرتدي قميص ويوفر لحية، يهتم بالشكليات و المظاهر، ويحرص عليها.
إذن هناك نوعين من العلم. العلم الشريف وهو النور الذي في القلب. و العلم المظهري.
وأصحاب العلم المظهري لا يطيقون أصحاب العلم الشريف النوراني.
والشيخ رحمه الله كان من أصحاب هذا العلم النوراني. الذي له مقدرة على السيطرة على البشر ما عدا الفئات الرخامية.
فقلت لشيخي: اليوم ربما نرى كبار الرموز في بعض الجماعات الملتزمة لا يستطيعون السيطرة على حشد ربما أقل من حشد هذه الباخرة؟
قال شيخي: كان حسن البنا بجلالة قدره وحسن منطقه وقوة تأثيره على الحشود لا يستطيع أحيانا أن يسيطر على الإخوان، ووجد من تكبر على الإمام وخالفه، وانشق عنه. بل إن الرسل أنفسهم وجد من خالفهم وانشق عنهم.
قلت لأستاذي: فهل هذه السيطرة ميزة انفرد بها الشيخ الغزالي؟
فقال الشيخ: هي ميزه مؤقتة في موقف معين، ولو تكررت مواقف أخرى ليس بالضروري أن يحدث هذا.
فلماذا لم يسيطر إذن في الجنادرية؟ فلقد فعلوا معه الأفاعيل، وأغضبوه حتى تسببوا له في أذمة قلبية حتى مات على أثرها، ثم إن الشيخ وصف الوصفة السحرية التي نفعت وفي الوقت المناسب.
فسال أحد المشايخ: ما الذي يتناسب وهذه الأشخاص الرخامية؟
قال الأستاذ: إن هذه الأشخاص لا تستطيع أن تتغير من داخلها! ولذلك نجد التلميذ الذي ينفع في مدرستنا، هو التلميذ الذي يأتي يبحث عن التغيير الحقيقي، يأت لك ويقول: أنا غير راضي عن نفسي.
أما الأخر
يأتي إليك يقول لك: علمني، زودني بالعلم، - علمني فقه، علمني كذا، علمني كذا.....
فيأخذ هذا العلم ويحوله إلى سياط ينطلق به في الحياة – فلقد حصل على مبتغاة - أصبح راجل عالم، يمتلك من العلم ما لم يحصل عليه أبيه ولا أمه ولا غيرهم من الناس فيدخل عليك دخلة المتكبر.
الشيخ / حسني أبوعيد
رحمه الله وغفرله
http://hosnyaboeed.blogspot.com/
أبوعمار محمد عبدالرحيم
4/4/2012
badeaezaman@yahoo.com