الحياة في ظلال سورة المدثر
بسم الله الرحمن الرحيم
يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1)
قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)
وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ
(7) فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)
عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11)
وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ
تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ
لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)
نداء علوي جليل من الله العظيم إلى رسوله الكريم يا أيها المدثر يا أيها
الملتحف في فراشك قم فقد مضى عهد الراحة قم لهذه المهمة الشاقة العسيرة التي ستكلف
بها.
مهمة إنذار البشرية فقد ضل الناس ونسو الخالق وغفلوا عن الله وقست قلوبهم
وشاع الظلم والفساد والانحراف وانقطعت صلة البشرية بالله وعبدوا أشياء لا قيمة لها
ولا وزن لها ولا تضر ولا تنفع ولا تغني من الله شيئا قم فأنذر هؤلاء الناس وبلغهم
أمر الله وبلغهم أن لهم إله واحدا عزيزا جبار قادر قاهر خالق هو الذي خلقهم وأنهم
سيحاسبون عل كل شيء
وربك فكبر يجب أن يؤمن الإنسان أن كل القوي الموجودة من حوله لا قيمة لها
ولا وزن لها ولا وجود لها أمام قوة الله العزيز الجبار ولذلك المؤمن لا يرى كبيرا
إلا الله:الله أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم وحينما تستقر هذا الحقيقة في قلب
المؤمن فلا ينبغي أن يبالي الرسول بأحد من الخلق، ولا أن يرهب سوى الله، فإن كل
كبير مقهور تحت عظمته تعالى وكبريائه
رسالة الرسول إلى هرقل بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ
رَسُولِ اللهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلامٌ عَلَى مِنَ اتَّبَعَ
الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايِةَ الإِسْلامِ أَسْلِمْ
تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ،
فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأريسيين
{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} أي وثيابك فطهرها من النجاسات والمستقذرات،
فإن المؤمن طيبٌ طاهر، لا يليق منه أن يحمل الخبيث وقال ابن عباس: كنَّى بالثياب عن
القلب والمعنى وقلبك فطهر من الإِثم والمعاصي
{والرجز فاهجر} أي اترك عبادة الأصنام والأوثان ولا تقربها اهجر
الجفاء، والسفه، وكل قبيح، ولا تتخلق بأخلاق هؤلاء المشركين
{وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ}
{وَلِرَبِّكَ فاصبر} أي اصبر على أذى قومك، ابتغاء وجه ربك
فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ
(8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ
(10)
ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا
(11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ
لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ
لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ
(18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ
(21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ
هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)
سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا
تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)
يَقُولُ تَعَالَى مُتَوَعِّدًا لِهَذَا الْخَبِيثِ، الَّذِي أَنْعَمَ
اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعَمِ الدُّنْيَا، فَكَفَرَ بِأَنْعُمِ اللَّهِ وَبَدَّلَهَا
كُفْرًا، وقابلها بالجحود بآيات الله والافتراء عليها، وَقَدْ عَدَّدَ اللَّهُ
عَلَيْهِ نِعَمَهُ حَيْثُ قَالَ تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً} أَيْ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ
أُمِّهِ وَحْدَهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا ولد، ثم رزقه الله تعالى: {مَالاً مَّمْدُوداً}
أَيْ وَاسِعًا كَثِيرًا {بنين شُهُوداً} أي حضوراً
عنده {وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً} أَيْ مَكَّنْتُهُ
مِنْ صُنُوفِ الْمَالِ وَالْأَثَاثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ
كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيداً} أَيْ مُعَانِدًا وَهُوَ الْكُفْرُ عَلَى
نِعَمِهِ بَعْدَ العلم
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ
النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً
لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ
الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ
مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ
وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ
إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ
أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35)
نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ
يَتَأَخَّرَ (37)
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ
رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ
(40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ
مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ
مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى
أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا
لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ
(50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ
يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53)
كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق